مجتمع

الوجه المظلم للتكنولوجيا…منصة لكل مراهق وقلق لكل أسرة: الإدمان الرقمي وتحديات الصحة النفسية بالمغرب.

أنفابريس//

بينما يدق تقرير “كيدز رايتس” ناقوس الخطر بشأن العلاقة المتوترة بين الإدمان الرقمي وتدهور الصحة النفسية للمراهقين في أوروبا، تبرز مؤشرات مقلقة في المغرب أيضًا، حيث يعرف الاستعمال المفرط للمنصات الرقمية تصاعدًا مستمرًا بين الأطفال والمراهقين،في ظل غياب وازن للرقابة الأسرية والوعي الرقمي.

التقرير، الذي أشار إلى أن 39 في المئة من المراهقين الأوروبيين في سن 15 عامًا يستخدمون وسائل التواصل باستمرار، حذر من الاستخدام “الإشكالي” لهذه الوسائط، موضحًا أن هذا السلوك يرتبط بارتفاع معدلات القلق، الاكتئاب، وتدهور العلاقات الاجتماعية. هذه المعطيات تجد صداها في المغرب، حيث تشير تقارير محلية وأصوات تربوية متزايدة إلى ظاهرة “الإدمان الصامت” التي تطال تلاميذ المدارس والإعداديات.

ورغم محدودية البيانات الرسمية حول تأثير الإدمان الرقمي على الصحة النفسية في المغرب، إلا أن ملاحظات ميدانية من أطر التعليم وأطباء نفسانيين تشير إلى ارتفاع في حالات العزلة الاجتماعية، اضطرابات النوم، وضعف التركيز الدراسي، وكلها مرتبطة بالإفراط في استخدام الهواتف الذكية والألعاب الإلكترونية والمنصات الاجتماعية، خصوصًا “تيك توك” و”إنستغرام”.

كما أطلقت وزارة التربية الوطنية برامج توعوية رقمية محدودة، غير أنها تفتقر للاستمرارية أو التأثير الواسع، في وقت يغيب فيه تشريع واضح ينظم ولوج القاصرين للمنصات الرقمية أو يحمّيهم من الإعلانات الموجهة والمحتوى العنيف أو الجنسي المنتشر فيها.

يشير خبراء إلى أن غياب التربية الرقمية في المناهج التعليمية، وضعف التوجيه الأسري، يساهمان في خلق بيئة تسمح بترسّخ السلوك الإدماني في سن مبكرة. وفي غياب دعم نفسي مدرسي منظم ومؤطر، يبقى المراهق المغربي فريسة سهلة لبيئة رقمية لا ترحم.

ولعل ما يزيد الوضع تعقيدًا هو أن الهوة الرقمية في المغرب ليست فقط تكنولوجية، بل أيضًا معرفية وثقافية، حيث يصعب الحديث عن استخدام آمن ومتوازن للإنترنت في ظل عدم تكافؤ الفرص في التكوين، وقلة الوعي بمخاطر الإدمان على الصحة النفسية والنمو العاطفي.

يُجمع الخبراء أن مواجهة الإدمان الرقمي تتطلب استراتيجية وطنية شاملة في المغرب، تشمل إصلاحات تعليمية، دعمًا أسريًا، وتأطيرًا قانونيًا، وتعاونًا بين وزارات التربية، الصحة، والشباب. فبين الواقع الرقمي وتحديات المراهقة، يبقى التوازن صعبًا، لكنه ليس مستحيلًا.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى